أي إنجاز وأي إبداع أكبر وأعظم من تكريم المنجزين والمبدعين؟ وأي وعي
هذا الذي يحمله المجتمع فيجعله يعمل على تكريم طاقاته التي يتكون منها
الجزء الأهم من نسيجه الإجتماعي؟ بادرة أطلقها ذلك المبدع صاحب الإنجاز
الأكبر الأستاذ سعيد الخباز الذي قدم لوطنه ولمدينته القطيف خدمة هي بحق
من أرقى الخدمات التي تجعلها في مصاف المجتمعات المتحضرة التي تساهم بشكل
فاعل في بناء الحضارة الإنسانية على وجه الأرض. ومن ثم شاركه في ذلك
النجاح الكبير ثلة من المبدعين الوطنيين الذين يقتنصون الفرص من أجل أن
يظهر وطنهم بالمظهر الذي يليق به. فعملوا من خلال عقلهم الجمعي الذي أدى
إلى عمل مؤسساتي واحد يتعدى صفة الفرد إلى روح الجماعة التي تبني ولا
تهدم.
جائزة كهذه سوف تساهم بشكل مباشر في إبراز المبدعين وتشجيعهم، بل في
ظهور غيرهم على سطح الإبداع والإنجاز. ربما لا يخفى على الكثيرين منا حالة
اليأس والإحباط التي يصاب بها الكثيرون خصوصاً الشباب عندما لا يجدون من
يقدر جهودهم ويكتشف ما بداخلهم من طاقات ومواهب مضمورة تنتظر من يفجرها
ويقدمها إلى مقدمة الركب. حتى أننا وصلنا إلى درجة الإستغراب والإنبهار
عندما نسمع عن مخترع شاب طوّر جهازاّ أو أديباً صغير كتب رواية أو قصة.
وكأن الأصل فينا الجهل أو على الأقل المستوى الطبيعي من العلم والمعرفة.
نسينا عقولنا التي لا تقل عن عقول المبدعين الآخرين الذين تُحفر أسمائهم
على الصخر وتكتب بماء الذهب. ولا أجد مثالاً على ذلك خير من ذلك الأديب
الصغير الكبير علي سليس الذي أقف له إجلالاً وإكباراً وأتصاغر كلما ذكرت
وقوفه بكل ثقة وطلاقة لسان شاكراً أبويه بلسان عربي فصيح تفوح منه رائحة
الأدب والفن. مثل ذلك المبدع قرابة المئة والثمانون عقلاً مبدعاً نابضاً
بالعلم مفعماً بالحيوية.
جاءت هذه الجائزة لتشكل نواة لفكر جديد لا يقبل البقاء في الخلف ولا
يرضى بالمستوى الإعتيادي بين غيره من المتفوقين وأصحاب الإنجازات. جاءت
لتقول للعالم بأسره سنحتفل بما لدينا من إنجازات وسنقيم لها عرساً في كلّ
عام حتى لو قلت الإمكانيات وتواضعت. إلاّ أن الإصرار في نهاية المطاف
سيجعلها في مصاف الكبار من الذين يحتفون بأبنائهم مهما كلّف الأمر.
هذه هي القطيف وهذا ما تعودت أن تقدمه للوطن فجائزة القطيف للإنجاز هي
فعلاً قصة نجاح وطنية يجب أن يفخر بها كلّ واحد من أفراد هذا الوطن. فكل
مبدع من هؤلاء المبدعين حوله مبدعين آخرين تأثر بهم وسار على نهجهم وربما
ساهموا بشكل مباشر في تعليمه وصقل موهبته وتشجيعه ومساندته إلى أن حقق ما
حقق وأنجز ما أنجز.
أتمنى في الأعوام المقبلة أن أرى آثار الجائزة في كلّ شارع من شوارع
القطيف ونواحيها حتى يعيش الجميع الفرحة وحتى يعرف الكل أن القطيفَ نجاح
وقصة إنجاز..